دخول | تسجيل عضوية
  • الرئيسية
  • سوريا
  • التاريخ
  • الحكام
  • الشخصيات
  • قالوا
  • معلومات
  • عن الموقع
  • اتصل بنا
 
Hosted By HostCentre

Syrianleaders211.JPG

Syrianleaders210.JPG

هو محمد سامي حلمي الحناوي، ولد في مدينة إدلب سنة 1898 وتخرج من مدرسة دار المعلمين بدمشق سنة 1916 ودخل المدرسة العسكرية في اسطنبول فأقام سنة. خاض معارك قفقاسيا وفلسطين في الحرب العالمية الأولى، ثم دخل المدرسة الحربية بدمشق سنة 1918 وتخرج بعد عام برتبة ملازم ثان، وأُلحق بالدرك الثابت في سنجق الاسكندرونة، وكان من قوات الجيش السوري في معركة فلسطين سنة 1948 حيث رقي إلى رتبة عقيد.
عندما ثار حسني الزعيم على شكري القوتلي وأبعده عن الحكم، أبرق الحناوي يؤيد الانقلاب ويعلن ولاءه لحسني الزعيم، فجعله هذا زعيماً (كولونيل) وقائداً للواء الأول، ولما ضج الناس من سيرة حسني الزعيم، اتفق الحناوي مع جماعة كان بينهم ثلاثة من حزب أنطون سعادة فاعتقلوا الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي، وأعدموهما بعد محاكمة عسكرية سريعة يوم 14 آب 1949  وأقاموا حكومة مدنية يشرف على سياستها العسكريون وفي مقدمتهم سامي الحناوي، وقد لعب فيها عديله الدكتور أسعد طلس (من حلب ومن كبار موظفي وزارة الخارجية حينئذ دوراً مهماً للاتجاه نحو الوحدة مع العراق).
كانت الخطة بأن يعتقل فضل الله أبو منصور حسني الزعيم في الوقت الذي يستولي به الآخرون على قيادة الأركان العامة وعلى القصر والإذاعة، وكانت القوة التي يفترض أن يقوم بمحاصرة الأركان بالإستيلاء عليه بقيادة محمد معروف، ولكن القوة المحاصرة داخل الأركان أبدت المقاومة فأمر محمد معروف بإطلاق قذيفة من عيار 25 ملم على جدار غرفة المقسم وحين وصل الحناوي أمر رجال محمد معروف بالتوقف عن اطلاق النار واستلم المحاصرون حين عرفوا باشتراك زعيمهم بالإنقلاب بعد ن عرفهم بنفسه، توالت الرسائل من الضباط المشاركين بالإنقلاب إلى قيادة الأركان بأن مهماتهم الموكلة إليهم نجحت.
وقع الاختيار على الضباط عصام مريود وعبد الغني دهمان وعلى حسين الحكيم بمعرفة ما آل إليه مصير حسني الزعيم فتوجهوا إلى مطار المزة العسكري حيث كان من المفترض أن يكون فضل الله أبو منصور قد توجه إليه بعد اعتقال حسني الزعيم، وحين وصلوا... طلبوا من فضل الله الذي كان ينتظر أوامر الزعيم سامي الحناوي إخراج المعتقلين محسن البرازي رئيس الوزراء ومستشار حسني وحسني الزعيم من الدبابة التي كانوا محتجزين بها.
وأعدم البرازي وحسني الزعيم بعد قرار صادر عن اللذين قاموا بالانقلاب يوم 14 آب/1949، وأقاموا حكومة مدنية يشرف على سياستها العسكريون وفي مقدمتهم سامي الحناوي، وقد لعب فيها عديله الدكتور أسعد طلس (من حلب وهو من كبار موظفي وزارة الخارجية وهو عديل الحناوي حينئذ دوراً مهماً للاتجاه نحو الوحدة مع العراق) وكان أول بلاغ صادر عن قيادة الثورة مفاده أن قيادة الجيش لن تسعى إلا لحفظ الأمن وأنها إعادة لتنظيم الجيش على النحو الذي أذاعه الأستاذ الأمير يحيى الشهابي الذي كان آنذاك مديراُ للإذاعة.
وبعد يومين على الانقلاب سلم الحناوي السلطة رسمياً إلى هاشم الأتاسي الرئيس الأسبق الذي أذاع فوراً تشكيل الوزارة المدنية المؤلفة من:
  • الأستاذ ناظم القدسي:               رئيساً للوزراء.
  • الأستاذ خالد العظم:                 وزيراً للمالية.
  • الأستاذ أكرم الحوراني:              وزيراً للزراعة.
  • عبد الله عطفة:                       وزيراً للدفاع.
أعلن الحناوي أن مهمته الوطنية المقدسة قد انتهت وأن الجيش لن يتدخل في الأمور السياسية وأنه سيترك الأمور إلى حكومة وطنية تمثل حرية الشعب السوري وعزّته وكرامته، وأنه سيعود إلى الجيش، وكانت تشكلت لجنة بعد ساعات من وقوع الانقلاب ضمت فيصل الأتاسي وفارس الخوري، ورشدي الكيخيا، وناظم القدسي وأكرم الحوراني، أوصت بتشكيل حكومة مؤقتة يرأسها هاشم الأتاسي تعيد للبلاد الحياة الدستورية، وقد سيطر حزب الشعب على شؤون الحكومة الجديدة، واحتل أعضاؤه الوزارات التي اشترط الحزب احتلالها باستمرار(الخارجية والداخلية) بناء على توصيات صاحب الانقلاب سامي الحناوي.
وصدر مرسوم بتعيين أسعد طلس أميناً عاماً لوزارة الخارجية، وصدرت البلاغات التي تبرر عملية الانقلاب وتشكيل المجلس الحربي الأعلى لمحاكمة حسني الزعيم ومحسن البرازي، وعُيّن محمود الرفاعي رئيساً لشعبة الثانية ومحمد معروف رئيساً للشرطة العسكرية وفوزي سلو رئيساً لديون وزارة الدفاع وأديب الشيشكلي عقيداً وآمراً للواء الأول.
استمرت الوزارة برئاسة هاشم الأتاسي من 14 آب/1949 حتى 10 كانون أول/1949 دون أن يحصل تبديل بين أعضائها، وكان من بين الموضوعات التي عالجتها:
1ـ استمرار العمل بالأحكام الصادرة في عهد حسني الزعيم: فقد أعلنت الحكومة احترامها للاتفاقيات المعقودة في عهد الزعيم وأبرزها اتفاق شركة التابلاين لتمرير النفط السعودي عبر سورية، واتفاق شركة أنابيب العراق لتمرير الزيت العراقي عبر سورية، واتفاقيات التصفية للمسائل المعلقة بين سورية وفرنسا، ويأتي في مقدمتها الاتفاق النقدي. اضطرت الحكومة لاتخاذ هذا الموقف بعد اتصالات مع الوزراء المفوضين لكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الذين أكدوا موقف حكوماتهم بعدم الاعتراف بالانقلاب الجديد ما لم يعتبر تلك الاتفاقيات نافذة.
2ـ تطهير الجهاز الحكومي: فبعد أسبوع من تولي حكومة الأتاسي مهامها تلقت مجموعة من المراسيم بعزل بعض الموظفين وإحالة البعض الآخر على التقاعد موقعة من الزعيم سامي الحناوي ومؤرخة بتاريخ 13 آب/1949. وجرت مداولات بين الحكومة وصاحب الانقلاب الحناوي، لكنه أصر على عزلهم لأن وزراء حزب الشعب لا يميلون إليهم.
3ـ انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وهدف حزب الشعب من ذلك هو استبعاد عودة السيد شكري القوتلي لاستلام منصب رئيس الجمهورية، لهذا أقرت الوزارة المراسيم التي أصدرها حسني الزعيم ومن ضمنها مرسوم قبول استقالة القوتلي وحل مجلس النواب. وكانت النتيجة انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، وأهم المواضيع التي ركز عليها في اجتماعات الجمعية التأسيسية: الوحدة السورية العراقية والتي عكسها نص قسم رئيس الجمهورية الذي جرت الموافقة عليه (أقسم بالله العظيم أن أحترم قوانين الدولة وأحافظ على استقلال الوطن وسيادته وسلامة أراضيه، وأصون أموال الدولة، وأعمل لتحقيق وحدة الأقطار العربية) وكان الحناوي أقرب إلى الجهات التي حبذت هذا الاتجاه.
نجحت حكومة حزب الشعب في الحقلين المالي والاقتصادي عندما أقر مجلس الوزراء السماح بتصدير القطن فارتفعت أسعاره، وكذلك سمح بتصدير كمية من الحنطة إلى الخارج فحققت أرباحاً تحولت نحو شراء كمية من الذهب فازدادت نسبة التغطية الذهبية للعملة السورية.
وبعد النكسات التي أصابت جهود زعامة حزب الشعب لإقرار الصيغ الدستورية الكفيلة بإعلان الاتحاد مع العراق، اتفق أقطاب الحزب مع اللواء (سامي الحناوي) على قيام الجيش باعتباره الورقة الأخيرة المتاحة في أيديهم، بالتحرك لتحقيق هذا الهدف، وبتاريخ 16 كانون الأول/ 1949 وجه اللواء سامي الحناوي دعوة إلى خمسة من كبار الضباط للاجتماع به لمناقشة موضوع الاتحاد السوري ـ العراقي، فشعر هؤلاء بأن حضورهم يعني وضعهم تحت سلطة قائد الجيش فيفرض عليهم ما يريد، فاتخذوا التدابير اللازمة لاعتقاله، وبالفعل اعتقل الحناوي وأسعد طلس وآخرين من أنصارهما، وكان هذا الانقلاب الثالث بقيادة أديب الشيشكلي.
سُجن الحناوي مدة ثم أُطلق سراحه، فغادر دمشق إلى بيروت، وهناك ترصده محمد أحمد البرازي فاغتاله بالرصاص في 30 تشرين أول/1950 انتقاماً لمحسن البرازي ونقل جثمانه من بيروت إلى دمشق فدفن فيها .
اشتهر سامي الحناوي بالخلق الكريم والإخلاص في عمله وبأنه كان طيب القلب

Syrianleaders212.JPG

وبعد يومين على الانقلاب سلم الحناوي السلطة رسمياً إلى هاشم الأتاسي الرئيس الأسبق الذي أذاع فوراً تشكيل الوزارة، ثم أعلن الحناوي أن مهمته الوطنية المقدسة قد انتهت، وأنه سيعود إلى الجيش، وكانت تشكلت لجنة بعد ساعات من وقوع الانقلاب ضمت هاشم الأتاسي وفارس الخوري، ورشدي الكيخيا، وناظم القدسي وأكرم الحوراني، أوصت بتشكيل حكومة مؤقتة يرأسها هاشم الأتاسي تعيد للبلاد الحياة الدستورية، وقد سيطر حزب الشعب على شؤون الحكومة الجديدة، واحتل أعضاؤه الوزارات التي اشترط الحزب احتلالها باستمراره (الخارجية والداخلية) بناء على توصيات صاحب الانقلاب سامي الحناوي.
استمرت الوزارة برئاسة هاشم الأتاسي من 14 آب 1949  حتى 10 كانون أول 1949  دون أن يحصل تبديل بين أعضائها، وكان من بين الموضوعات التي عالجتها:
 استمرار العمل بالأحكام الصادرة في عهد حسني الزعيم: فقد أعلنت الحكومة احترامها للاتفاقيات المعقودة في عهد الزعيم وأبرزها اتفاق شركة التابلاين لإمرار النفط السعودي عبر سورية، واتفاق شركة أنابيب العراق لإمرار الزيت العراقي عبر سورية، واتفاقيات التصفية للمسائل المعلقة بين سورية وفرنسا، ويأتي في مقدمتها الاتفاق النقدي. اضطرت الحكومة لاتخاذ هذا الموقف بعد اتصالات مع الوزراء المفوضين لكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الذين أكدوا موقف حكوماتهم بعدم الاعتراف بالانقلاب الجديد ما لم يعتبر تلك الاتفاقيات نافذة.
تطهير الجهاز الحكومي: فبعد أسبوع من تولي حكومة الأتاسي مهامها تلقت مجموعة من المراسيم بعزل بعض الموظفين وإحالة البعض الآخر على التقاعد موقعة من الزعيم سامي الحناوي ومؤرخة بتاريخ 13 اب 1949 وجرت مداولات بين الحكومة وصاحب الانقلاب الحناوي، لكنه أصر على عزلهم لأن وزراء حزب الشعب لا يميلون إليهم.
انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وهدف حزب الشعب من ذلك هو استبعاد عودة السيد شكري القوتلي لاستلام منصب رئيس الجمهورية، لهذا أقرت الوزارة المراسيم التي أصدرها حسني الزعيم ومن ضمنها مرسوم قبول استقالة القوتلي وحل مجلس النواب. وكانت النتيجة انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، وأهم المواضيع التي ركز عليها في اجتماعات الجمعية التأسيسية: الوحدة السورية العراقية والتي عكسها نص قسم رئيس الجمهورية الذي جرت الموافقة عليه (اقسم بالله العظيم أن أحترم قوانين الدولة وأحافظ على استقلال الوطن وسيادته وسلامة أراضيه، وأصون أموال الدولة، وأعمل لتحقيق وحدة الأقطار العربية) وكان الحناوي أقرب إلى الجهات التي حبذت هذا الاتجاه.
نجحت حكومة حزب الشعب في الحقلين المالي والاقتصادي عندما أقر مجلس الوزراء السماح بتصدير القطن فارتفعت أسعاره، وكذلك سمح بتصدير كمية من الحنطة إلى الخارج فحققت أرباحاً تحولت نحو شراء كمية من الذهب فازدادت نسبة التغطية الذهبية للعملة السورية.
وبعد النكسات التي أصابت جهود زعامة حزب الشعب لإقرار الصيغ الدستورية الكفيلة بإعلان الاتحاد مع العراق، اتفق أقطاب الحزب مع اللواء (سامي الحناوي) على قيام الجيش باعتباره الورقة الأخيرة المتاحة في أيديهم، بالتحرك لتحقيق هذا الهدف، وبتاريخ 14 كانون الاول 1949 وجه اللواء سامي الحناوي دعوة إلى خمسة من كبار الضباط للاجتماع به لمناقشة موضوع الاتحاد السوريالعراقي، فشعر هؤلاء بأن حضورهم يعني وضعهم تحت سلطة قائد الجيش فيفرض عليهم ما يريد، فاتخذوا التدابير اللازمة لاعتقاله، وبالفعل اعتقل الحناوي وأسعد طلس وآخرين من أنصارهما، وكان هذا الانقلاب الثالث بقيادة أديب الشيشكلي.
سُجن الحناوي مدة ثم أُطلق سراحه، فغادر دمشق إلى بيروت، وهناك ترصده محمد أحمد البرازي فاغتاله بالرصاص في 30 تشرين أول 1950  انتقاماً لمحسن البرازي ونقل جثمانه من بيروت إلى دمشق فدفن فيها

Syrianleaders213.JPG

لقد قام الزعيم سامي الحناوي بانقلابه العسكري في 14/8/1949. ولما كان في الجيش السوري بعض الضباط المؤمنين بزعامة انطون سعادة، فقد تصدى أحدهم ويدعى (فضل الله أبومنصور) للانتقام بنفسه من حسني الزعيم. فطلب أن يتولى هو بنفسه محاصرة قصر الرئاسة والقبض على رئيس الجمهورية (حسني الزعيم). وقد روى في مذكراته تفاصيل تلك الأحداث وكيف التقى بفريستيه حسني الزعيم ومحسن البرازي رئيس الوزراء ووجه إليهما الإهانات البالغة وأنفذ فيهما حكم الإعدام بروح ملؤها التشفي. وكان حكم الإعدام قد صدر بعد محاكمة عسكرية سريعة .‏
وأعلن العقيد سامي الحناوي مبرراً انقلابه بأنه جاء لينفذ الأهداف التي تنكر لها حسني الزعيم، ولإعادة الأوضاع الدستورية للبلاد. فهل كان يقصد من ذلك مبدأ الاتحاد مع العراق ومايشمله من مشروع الهلال الخصيب الذي يشمل لبنان لمواجهة اسرائيل بالوحدة مع العراق. ويذكر أن الحناوي تلقى أموالاً من العراق، كما أن الصحف البريطانية بادرت إلى الترحيب بحركته. بينما وصفت الصحف الفرنسية الحركة بأنها مؤامرة اشتركت في تدبيرها كل من بريطانيا وحكومة نوري السعيد. فقد قلقت فرنسا أيضاً بقيام انقلاب الحناوي وعودة فكرة اتحاد سورية والعراق. وانتظرت الصحف المصرية حتى بدأت المباحثات مع العراق فوصفتها بأنها تهدف إلى بيع استقلال سورية.‏
ويذكر العظم أن أمريكا وفرنسا اشترطتا للاعتراف بالحكومة السورية أن تقر اتفاقيتي النقد مع فرنسا والتابلاين الأمريكية.‏
وسلم الحناوي الحكم للمدنيين ولم يتخذ أي إجراء لتحقيق مشروع الهلال الخصيب بل أفسح المجال للسياسيين من مختلف الأحزاب للاشتراك في حكومة مؤقتة ريثما تجري الانتخابات لجمعية تأسيسية يناط بها رسم مستقبل البلاد. ولعل ذلك طبقاً للخطة التي كان يميل إليها الانجليز ونوري السعيد.‏
وكانت الأحزاب قد أجمعت على إسناد رئاسة الوزارة إلى هاشم الأتاسي في فترة انتقالية ريثما تعود الحياة الدستورية فقبل ذلك
ولما تشكلت الوزارة برئاسة هاشم الأتاسي، شغل أعضاء حزب الشعب معظم المناصب الوزارية الهامة، واشترك ميشيل عفلق وأكرم الحوراني في هذه الوزارة اليمينية. كممثلين لحزب البعث العربي، والحزب العربي الاشتراكي. ولعل اشتراكهما للفت الأنظار إلى حزبيهما الجديدين.‏
ودلت الانتخابات النيابية (تشرين الثاني 1949) على ازدياد حزب الشعب نفوذاً وتراجع الحزب الوطني. ولم تحل الأحزاب اليسارية الجديدة محله، بل ازداد عدد النواب المستقلين المؤيدين لفكرة الهلال الخصيب .‏
وبعد انتخاب هاشم الأتاسي للرئاسة المؤقتة للدولة في 14/12/1949 بالحقوق والصلاحيات المنوطة برئيس الجمهورية في دستور 1928، أثارت صيغة القسم الذي يتلوه مشكلة شائكة في المجلس النيابي، كانت مشكلة مستقبل سورية. وهل يجب أن تحافظ على النظام الجمهوري أم يفتح الطريق للاتحاد مع العراق. واقترح حذف التعهد بالمحافظة على النظام الجمهوري وأن تتضمن العمل لتحقيق وحدة الأقطار العربية. واصطدم التعديل بمعارضة شديدة لأن حزب الشعب لم يكن متفقاً على موضوع الهلال الخصيب ولايقبل بالتضحية بالنظام الجمهوري ولابسريان المعاهدة البريطانية العراقية على سورية. ويرى بعض أعضائه أن يقتصر الاتحاد مع العراق على اتحاد جمركي وبرلمان فدرالي. ونفى بشدة أن يكون حزب الشعب من أنصار الهاشميين. إلا أن المجلس أقر الصيغة المقترحة ولم يبق إلا تلاوتها من قبل الرئيس في الجلسة المقررة في 19/12/49. (والرئيس الأتاسي ممن أقسموا يمين الولاء للملك فيصل عام 1920 ومن العاملين على وحدة سورية العربية بكاملها). وصلته بحزب الشعب قوية.‏
ولم تقف مصر جامدة، (فقد كانت متفاهمة مع السعوديين ضد الهاشميين)، إبان هذه الفترة العصيبة التي كان يتقرر فيها مصير سورية. فقدمت في تشرين الأول 1949 مشروع الضمان العربي الجماعي وفكرة الدفاع العربي المشترك، بهدف صرف سورية عن فكرة مشروع الهلال الخصيب، ويبررون المشروع الجديد بأنه الدفاع باشتراك جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.‏
واستقال من الحكومة المؤقتة، عفلق والحوراني، حينما اقتربت من مشروع الهلال الخصيب. ولعل الرأي العام وخاصة أنصار البعث العربي والاشتراكي كان يشك في نوايا حزب الشعب وفي العديد من النواب المستقلين.‏
ولم يكتمل تحقيق مشروع اتحاد العراق وسورية لقيام الانقلاب الثالث في 19/12/1949 وهو اليوم المقرر لاجتماع المجلس النيابي ليؤدي فيه رئيس الدولة وأعضاء الجمعية التأسيسية القسم بصيغته الوحدوية

البلاغ رقم 1 لانقلاب سامي الحناوي

 أذيع في الساعة السابعة من صباح 14 آب (أغسطس) 1949

 لقد قام جيشكم الباسل بالانقلاب يوم الثلاثين من آذار الماضي لينقذ البلاد من الحالة السيئة التي وصلت إليها، لكن زعيم ذلك الانقلاب أخذ يتطاول هو وحاشيته على أموال الأمة، ويبذرها بالإثم والباطل، ويعبث بالقوانين وحريات الأفراد.

لهذا، وبعد الاعتماد على الله، عزم جيشكم، الذي لا يريد إلا الخير بالبلاد، أن يخلصها من الطاغية الذي استبد هو ورجال حكومته. وقد أتم الله للجيش ما أراد، فأنقذ شرف البلاد، وآلى على نفسه أن يسلم الأمر إلى الأحرار المخلصين من رجالات سوريا. وسيترك الجيش لزعماء البلاد أنفسهم قيادة البلاد، وسيعود الجيش إلى ثكناته ويترك السياسة لرجالاتها

Syrianleaders215.JPG

ماذا قال الدكتور معروف الدواليبي في مذكراته عن الحناوي :

هل كان رئيس وزرائه حسني البرازي؟ ـ لما جعل حسني الزعيم نفسه رئيساً للجمهورية، كان البرازي أميناً عاماً في القصر الجمهوري، فصار رئيس وزارة. وبعد أن جعل حسني الزعيم نفسه رئيساً للجمهورية بانتخابات مزيفة بدأ يتقرّب من مصر ضد العراق، وكانت العراق تعمل سراً على إزالته وضم سورية إلى العراق، وكان عبدالإله وصياً على عرش العراق، فإذا ضُمّت سورية إلى العراق، كان من الممكن فصلها مرة ثانية، وبذلك يكون عرش لعبد الإله وعرش لابن فيصل. كانت العراق تسعى لهذا الهدف، فهيؤوا سامي الحناوي الذي قام بالانقلاب على حسني الزعيم. انقلاب سامي الحناوي

كان الحناوي على صلة مع العراق، ولكنه لما قام بالانقلاب دعا لوضع دستور جديد، وأعلن أنه لن يتدخل. وهنا طالب العراق بضم سورية إليها. واختلفت الآراء ما بين داع إلى انتخابات ووضع دستور جديد، وبين داع إلى الانضمام إلى العراق قبل الانتخابات والدستور. ولما دعانا سامي الحناوي لم نرض إلا بانتخابات جديدة. وتمت الانتخابات وقضت أن نضع الدستور، وتبين لنا أن الحناوي كان على تفاهم مع العراق، وأن حسني الزعيم كان على تفاهم مع مصر. ولما تمت الانتخابات التي جرت على أنها ستفضي إلى هيئة تأسيسية تضع دستوراً للبلاد، كثرت الوفود بين العراق وسورية ذاهبة آيبة من أجل وضع دستور ينص على الاتحاد مع العراق. وكان العراق مرتبطا بمعاهدة مع إنجلترا، ولذلك لم تلق الرغبة بالوحدة مع العراق أي تجاوب في سورية. وحرصنا نحن بعد الانتخابات على وضع مادة وحيدة في الدستور قبل إخراجه: (سورية جمهورية). لكي نغلق الباب أمام الفريق الآخر، وصوّتنا على هذه المادة أولاً، على أن نتمّ مواده الأخرى فيما بعد، وانتخبنا هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، وكان من أنصار فكرة العمل مع العراق، لأنه كان رئيساً للوزارة في عهد فيصل، ولكن الفكرة التي سادت في سورية أن العراق مرتبط مع إنجلترا، فكيف ننضم إليها؟ وإذا كانت هناك نقمة على الحكم في سورية التي ذهبت فلسطين في عهده، فإن العراق لم يقاتل البتة، وكلمتهم (ماكو أوامر) مشهورة متداولة على الألسنة للتندر!. وبذلك أخفق الحناوي في مهمته، وقطعت الطريق على المساومات والمؤامرات. وتبين لنا فيما بعد أن تفاهماً قام بين الفرنسيين المتخوفين من ضم سورية إلى العراق وبين أديب الشيشكلي الذي جاء إلى الحكم بانقلاب عسكري أيضاً، على أن يضم العراق إلى سورية، وليس العكس. انقلاب أديب الشيشكلي

Syrianleaders216.JPG

ردود الفعل العربية والاجنبية على انقلاب الحناوي حسب مذكرات اكرم الحوراني  
          اتصلت الحكومة اللبنانية بالحكومات العربية وأطلعتها على تفاصيل ما جرى في سوريا واقترحت توجيه تهنئة للحكومة الجديدة كوسيلة اعتراف بها. وكانت حجة الحكومة اللبنانية أن التريث في اتخاذ موقف معين من الحكومة السورية الجديدة يؤدي الى تأجيل انعقاد اللجنة السياسية للجامعة العربية، ولذلك ارسلت حكومة لبنان برقية تهنئة للحكومة السورية دون ان تنتظر نتائج اتصالاتها.
          أما مصر فاروق فقد آثرت التريث، وحسب رواية صحف تلك الفترة:
"لأن وزارة تضم هاشم الاتاسي وفيضي الاتاسي وثلاثة من أركان حزب الشعب ورئيس حزب البعث لا بد أن تتجه في سياستها العربية اتجاها يتفق وخطة الهاشميين لأن المعروف عنهم انهم من انصار الاتحاد العراقي السوري، ولاجل التأكد من اتجاه الحكومة الجديدة اوفد الملك فاروق الاميرالاي محمد يوسف بك مرافق جلالته الى دمشق. وقد اجتمع الاميرالاي برئيس الحكومة اللبنانية قبل متابعة سفره الى دمشق" (النهار 17/8/1949).
          ولكن عبد الرحمن عزام باشا، الامين العام للجامعة العربية، صرح بأن بيان الوزارة الجديدة، نظرا لتأليفها من ألوان واحزاب شتى، يوحي بالاستقرار واعادة الامور الى نصابها والبلاد الى حياتها الدستورية.
          واعتبر مجلس الوزراء العراقي ان الانقلاب السوري حركة داخلية محضة تهم الشعب السوري وحده، وأنه جاء نتيجة حتمية للانقلاب الاول، كما أرسل نوري السعيد برقية تهنئة للرئيس هاشم الاتاسي يقول فيها اهنئكم "بمناسبة تشكيلكم الوزارة الجديدة راجيا الله ان يسدد خطاكم لتأييد اماني الشعب السوري والقضية العربية".
          وأرسل الملك عبد الله برقية تهنئة ايضا، وكان صبدى الانقلاب في الصحف الاردنية يعبر عن التأييد للحكم الجديد والشماتة بمصرع حسني الزعيم ومحسن البرازي.
          كما ادلى ناطق بلسان وزارة الخارجية البريطانية، عندما سئل عن احتمال اعتراف الحكومة البريطانية بالحكومة السورية الجديدة، بقوله:"ان واجب الحكومة التي تقيم نفسها ان تبلغ عن قيامها. ومن ثم تنظر الدول الاخرى في الاعتراف بها".
          وذكرت الصحف ان المصادر شبه الرسمية في بريطانيا لاحظت ان الدوائر الفرنسية والاميركية في لندن ترفض ان ترى في الانقلاب الجديد حركة داخلية صرفة، فهي تعتقد ان للاصابع الاجنبية يدا في توجيه الضباط الذين قاموا بالانقلاب، وتذكر هذه المصادر ان حسني الزعيم رفض المشروعات السياسية والعسكرية التي عرضها عليه السير وليم سترانغ وكيل الخارجية البريطانية عندما زار الشرق الاوسط قبل شهرين، ولما انعقد مؤتمر الدبلوماسيين البريطانيين قبل شهر من انقلاب الحناوي قال السير وليم "ان حكومة الانقلاب السورية قد رفضت اليد التي مدتها بريطانيا لها" كما قال ناطق بلسان وزير الخارجية البريطاني المستر بيفن: "ان بريطانيا وفرنسا وأميركا قد تعقد مؤتمرا ثلاثيا لدرس الحالة الراهنة في سوريا واتخاذ موقف مشترك نحو الحكومة الجديدة".
          لقد تجنب أركان الحكومة الجديدة - موقتا - البحث في مشروع الاتحاد السوري العراقي، لأنهم كانوا يسعون لتطمين بعض الجهات العربية والدولية التي صعقت بانقلاب الحناوي... فقد أدلى الدكتور ناظم القدسي وزير الخارجية يوم 16 آب 1949، بتصريح قال فيه: "ان الحكومة تحترم الاتفاقات الدولية التي عقدت في العهد السابق.. وانها ستتعاون مع جميع الدول العربية على أساس المساواة ضمن اطار جامعة الدول العربية" وأضاف انه أبرق للجامعة العربية "مؤكدا اخلاص سوريا لميثاق الجامعة العربية وحرصها على وحدة الصفوف، وكانت سياسة التهدئة والتطمين هذه ردا على ما كان ينشره الاعلام الاميركي والفرنسي الذي يصم الانقلاب بأنه من وضع أياد أجنبية.
          والواقع ان بريطانيا والعراق والحكومة السورية كانت تتجنب اثارة مشروع الاتحاد علنا، بل كان وزير الخارجية السورية ناظم القدسي يطمئن الجهات العربية والدولية الاخرى، وينفي ان يكون الانقلاب خطوة اولى نحو قيام سوريا الكبرى، ويؤكد حرص سوريا على المحافظة على جمهوريتها المستقلة، ولكن هذه التصاريح لم تمنع الاتصالات السرية... فقد قام ابراهيم الالوسي وزير العراق المفوض بدمشق بزيارة الرئيس هاشم الاتاسي مرتين اثر الانقلاب.
          اما فاضل الجمالي الذي قدم الى بيروت في طريقه الى اجتماع اللجنة السياسية العربية في القاهرة - فقد جعل قرار تأجيل اجتماع اللجنة خمسة أيام بعد مقتل حسني الزعيم مناسبة للبقاء في لبنان ليكون على اتصال قريب بالوضع السوري الجديد، وقد كشفت وثائق حلف بغداد فيما بعد عن رسالة بعث بها الجمالي الى عبد الاله الوصي على عرش العراق الذي كان في بريطانيا يشرح له فيها السياسة السرية الهادئة الواجب اتباعها لتحقيق مشروع الاتحاد وهذا نص الرسالة المؤرخة في 18/8/1949:
سيدي صاحب السمو الملكي:
"سيدي، منذ ارسلت كتابي مع نوري باشا حدثت في سوريا أمور عديدة مزعجة لنا لم أستطع موافاة سموكم بها، وقد انتهت والحمد لله بتحقيق الاخبار التي جاء بها الدكتور ابراهيم عاكف الى بغداد، والتي أشرت اليها في كتابي السابق، فقد زال الكابوس عن سوريا العزيزة، ونرجو ان تعود المياه الى مجاريها، وكم كنت اتمنى لو كنتم سموكم موجودين هنا لتشرفوا بشخصكم الكريم على تخطيط للسياسة الواجب اتباعها في سوريا، فسوريا مقدمة على انتخابات المجلس التأسيسي ومن المهم جدا بنظري ان يتصل رجالات العراق بصورة هادئة وغير رسمية بلا ضجة ولا دعاية برجالات سوريا الذين سيتكون منهم المجلس التأسيسي، فيتفق على وضع دستور لسوريا يحقق اهداف القطرين، يرافق ذلك اجراءات دستورية في العراق، الوزارة السورية هي من خيرة رجال سوريا الذين نعتمد عليهم، فمن الواجب التفاهم معهم تفاهما اساسيا، أما في مصر فقد تحسن وضع الحكومة نحو العراق تحسنا ملموسا، وقد أبدى كل من حسين سري باشا وفؤاد سراج الدين رغبتهما في ازالة كل أسباب الجفاء بين العراق ومصر، أما سياسة البلاط فقد ظهر شخصها وانفضح امرها لدى الجميع هنا ولا سيما حين أعلن البلاط الحداد ثلاثة أيام على مقتل حسني الزعيم.
            "شرف جلالة الملك عبد الله بغداد، في طريق عودته من طهران، وتحدث جلالته عن قناعته بأهمية الجامعة الاسلامية، وأنها يمكن ان نلجأ اليها اذا فشلنا في اصلاح الجامعة العربية، وبعد المناقشة اتفقنا على أن الجامعة العربية يجب أن تكون ضمن جامعة اسلامية وهذه ضمن جامعة أسيوية ضمن نطاق الامم المتحدة، معروف لسموكم المعظم هو ان الوقت قد حان لتقوية الوزارة واعادة نوري باشا لتشكيلها بحيث تضم عناصر قوية من بعض الشيوخ المحنكين وأكثرية شباب يحمل الروح القومية الاصلاحية، نحن في حاجة الى وزارة تتولى مشاريع عمرانية واصلاحية سريعة تطمن الشعب وتفتح أمام الشباب أبواب الأمل، وفقكم الله في مساعيكم وأرانا طلعتكم البهية باليمن والاقبال.
المخلص لسموكم ابدا
فاضل المجالي
كتاب محكمة الشعب - بغداد-
الطبعة الاولى ص 1117
         
 ويبدو ان الجمالي بدأ فورا بممارسة السياسة الهادئة وغير الرسمية وبلا ضجة ولا دعاية، لأن اشاعة قوية ملأت دمشق بأن الجمالي زارها زيارة سرية ولكن الحكومة كذبت هذه الاشاعة.
 والحقيقة ان مشروع الاتحاد لم يطرح في مجلس الوزراء خلال الاسبوعين الاولين وانما كان الهم منصرفا لقضية الاعتراف العربي والدولي بالوضع الجديد.
وبتاريخ 24/8/1949 أصدر نوري السعيد بيانا رسميا في الاسكندرية نفى فيه تأييده لمشروعي سورية الكبرى والهلال الخصيب وكان هذا البيان تطمينا وتمويها ريثما تمر العاصفة.
كما يبدو ان الاتصالات السرية في بداية العهد، بين العراق وبريطانيا والحكومة السورية كانت تجري عن طريق رئيس الوزراء هاشم الاتاسي، ووزير الخارجية ناظم القدسي، ووزير الداخلية رشدي الكيخيا، ووزير الدولة عادل العظمة، من خلف ظهور الوزراء الاخرين، اذ كان هؤلاء يعقدون اجتماعات خاصة سرية لفتت انظارنا، وقد استمروا بعقد الاجتماعات السرية الى ما بعد طرح مشروع الاتحاد على مجلس الوزراء.
الاعترافات العربية والدولية
          بعد انقلاب الحناوي ونقمة الملك فاروق وحاشيته على الوضع الجديد في سوريا، ظهر خلاف بين حزب الوفد والبلاط المصري، وقد انعكست آثار هذا الخلاف حتى على أبسط الشؤون بين مصر وسوريا، فقد كانت وزارة الحربية والبحرية المصرية اعلنت، بتاريخ 14 حزيران 1949، عن موافقتها على قبول سبعين طالبا سوريا للدراسة في الكليات العسكرية المصرية، الفنية والجوية والبحرية وحين وصل هؤلاء الطلاب الى مصر، في أواسط شهر تشرين الاول، اعيدوا الى سوريا اذ رفضت السلطات المصرية قبولهم.
          فنشرت جريدة "المصري" مقالا للدكتور محمد صلاح الدين، وزير الخارجية المصرية السابق، (وفدي) مقالا تحت عنوان "لم يكن عملا صالحا" انتقد فيه حكومة سري باشا لاعادتها هذه البعثة وقال: وأعجب العجب ان يقترن هذا التصرف القاسي اقترانا زمنيا بقرار السماح لمندوبي اسرائيل بدخول مصر لحضور اجتماعات المنظمة الصحية الاقليمية، فالوزارة المصرية تجري رخاء مع اسرائيل وتقسو كل القسوة مع مبعوثي الشعب السوري الشقيق".
وعندما أرجئت اجتماعات اللجنة السياسية للجامعة العربية مرة ثانية الى ما بعد اعترافات الدول العربية اضطرت الحكومة السورية لأن ترسل كتابا الى عبد الرحمن عزام الامين العام للجامعة بتاريخ 17/9/49 هذا نصه:
             "تأجل اجتماع اللجنة السياسية مرتين رغم وجوبه لتوحيد اتجاه الوفود العربية في الامم المتحدة التي ستجتمع في ليك سكسيس، ان سبب التأخير هو تريث بعض اعضاء الجامعة باعادة الصلات مع الحكومة السورية وحذرهم ان يكون الاجتماع بمثابة اعتراف، ولما كانت رغبتنا ان لا يقوم موضوعنا عثرة في سبيل اجتماع اللجنة السريع فالرجاء دعوتها تفاديا للتأخير واتخاذ قرار بما يتعلق بمؤتمر لوزان واتجاه الدول العربية... وليكن معلوما بوضوح اننا لا نعتبر اجتماع اللجنة السياسية اعادة للصلات بيننا وبين الحكومات العربية التي لم تعد صلاتها معنا حتى الان، فلا يعتبر اجتماع اللجنة تغييرا في موقفها اذا شاءت... ونؤكد ان هذا لن يؤثر بشكل ما على شعور الود والاخاء العربي الذي نكنه بالسواء للحكومات العربية التي اعادت صلاتها معنا والتي لم تعدها حتى الان. فهدفنا الاسمى معالجة مصالح العرب الحيوية".
          وبتاريخ 19 ايلول ارسل وزير الخارجية اللبنانية حميد فرنجية كتابا يعترف فيه بالوضع الجديد كما صدر في اليوم ذاته عن مديرية الدعاية والانباء السورية بلاغان رسميان عن اعتراف المملكة العربية السعودية ومصر بالوضع السوري الجديد، حيث زار الشيخ عبد العزيز بن زيد الوزير السعودي المفوض وزير الخارجية السورية وقدم اليه مذكرة تتضمن اعتراف السعودية وتمنياتها الطيبة لسوريا والقائمين على شؤونها، كما زار محمد عبد المنعم القائم باعمال المفوضية المصرية وزير الخارجية السورية وقدم اليه مذكرة بالاعتراف.
          وما لبثت بعد ذلك ان توالت اعترافات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والدول العربية والاجنبية الاخرى

Syrianleaders217.JPG

عقب قيام الزعيم الســـوري حسني الزعيم عام ‬1949 بانقلابه ضد الرئيس شكري القوتلي وحكومتـــه توترت الأجــواء العربية جراء الشائعات حول دولة سوريا الكبرى، فأرسل رئيس وزرائه وعددا من القادة السياسيين للقاهرة للقاء الملك فاروق والسياسيين المصريين لتصحيح ما يتردد في الأجواء، ثم قام هو نفسه بزيارة مفاجئة للقاهرة.
 والصورة التي التقطت في قاعدة أنشاص العسكرية جنوب القاهرة في العام ‬1949 تجمعه مع الملك فاروق ملك مصر، حيث أكدت لقاءاتهما على تصفية الأجواء العربية مما يشوبها من مخاوف. ولد الزعيم في حلب سنة ‬1889.
 كان والده مفتياً في الجيش العثماني استشهـــد في هجوم على قناة السويس في الحـــرب العالميـــة الأولى سنة ‬1915، درس في المدرســة الحربيـــة بالأستانـــة، وقبل أن يتم دراسته جُعل من ضباط الجيش العثماني، اعتقلـــه البريطانيــون في الحرب العالمية الأولى.
 ثم تطوع في الجيش الفيصلي الذي دخل دمشق وحارب العثمانيين، وفي عهــد الانتداب الفرنسي تطوع في الجيش الفرنسي، وتابع علومه العسكرية في باريس.
 عد وصول قوات فيشــي إلى سورية انقلب على الديغوليين، وحارب ضدهم، وفي عام ‬1941 اعتقله الديغوليون، وأُرسل إلى سجـــن الرمل في بيروت حتى ‬17 أغسطس ‬1943، حيث أُفرج عنه، وسُرح من الجيش وهو برتبة كولونيل (عقيد).
 منذ عام ‬1945 ظل يتردد على السياسيين وأعضاء مجلس النواب لإعادته إلى الجيش، فتعرف على رئيس تحرير صحيفة (ألف باء) نذير فنصة، الذي توسط له وأعاده إلى الجيش، فعين رئيساً للمحكمة العسكرية في دير الزور، ثم انتقل إلى دمشق مديراً لقوى الأمن.
 وفي أيلول ‬1948 أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بتعيين الزعيم قائداً للجيش بعد ترفيعه إلى رتبة زعيم. يعتبر حسني الزعيم، صاحب أول انقلاب عسكري في تاريخ سورية المعاصر، ففي ليلة ‬30 آذار ‬1949 قام بانقلابه متفقاً مع بعض الضباط، فاعتقل رئيس الجمهورية شكري القوتلي، ورئيس وزرائه وبعض رجاله، وحل البرلمان، وقبض على زمام الدولة وتلقب بالمشير.
 وألّف وزارة، ودعا إلى انتخابه رئيساً للجمهورية، فانتخبه الناس خوفاً في ‬26 حزيران ‬1949، وكان يحكم وقد وضع له غروره نصب عينيه صور نابليون وأتاتورك وهتلر
أصدر الرئيس حسني الزعيم مرسوماً جمهورياً منع بموجبه الموظفين والمستخدمين لدى الدوائر الحكومية من ارتداء الطربوش.؟ في حين كان السلطان العثماني سليمان القانوني أصدر فرماناً (مرسوماً) بتعميم ارتداء الطربوش في دوائر ومكاتب الجهات الرسمية العثمانية. 
ويذكر أن حسني الزعيم كان مهتماً بمظهره فحمل العصا الماريشالية التي أوصى عليها من باريس التي كان يتأبطها في الاستقبال الرسمي وقيل إنها كانت مرصعة بالأحجار الكريمة الغالية الثمن والمجوهرات النفيسة !؟ وسدد ثمنها من ميزانية الدولة !؟ ولقب نفسه بالمشير وكان يحب الظهور والأوسمة التي نالها من الجيش الفرنسي على صدره ووضع على عينه المونوكل ( العدسة الواحدة التي توضع على إحدى العينين) مقلداً بذلك الجنرالات الروس والألمان، كما اشترى لنفسه كرسياً للرئاسة يتناسب مع الأبهة التي كان يحب أن يظهر بها أمام الناس.. اعتقل رئيس الجمهورية شكري القوتلي ورئيس الوزراء خالد العظم والنائب فيصل العسلي وقام بحملة اعتقالات واسعة شملت العديد من قاده الأحزاب آنذاك.. حل البرلمان ورفض التفاوض مع النواب، وقّع اتفاقية التابلاين - الأرامكو - مع الأمريكان والسعوديين وقيل إنه قبض عمولته على هذه الصفقة (والله أعلم) كما وقّع اتفاقية الهدنة الدائمة مع العدو الصهيوني التي تنازل فيها عن ما يسمى مستعمرتي - مشمار هاردن، وكعوش ومزرعة الخوري- ومنح في اتفاقية الهدنة مع دولة الصهاينة عشرة أمتار من الضفة الشرقية لبحيرة طبريا إلى إسرائيل.. عقد الزعيم حسني الزعيم صفقة مع حكومة رياض الصلح في لبنان قام بموجبها بتسليم أنطون سعادة زعيم الحزب السوري القومي إلى لبنان ليتم إعدامه بعد أن كان قد أعطى الأمان له.!؟ وكان اللغز الكبير في إطلاقه سراح أرملة الزعيم الوطني السوري فوزي الغزي من السجن بمرسوم بعد أن وعدها أن أصبح رئيساً للجمهورية سيطلق سراحها وتحقق حلمه وحلمها.!؟ أصدر القانون المدني، وقانون إلغاء الأوقاف الذرية، وضع دستوراً جديداً للبلاد يتضمن لأول مرة بأن سورية جمهورية عربية، ويتكرر فيه تعبير (الأمة السورية)، ألغى المدارس الخاصة، وانشأ ديوان المظالم والشكايات، وكان أول من أقام حفلات المزاد العلني على مقتنياته الشخصية (قلم الحبر الذي وقع به معاهدة التابلاين وأزرار بزته العسكرية)، كما كان نصيراً للمرأة حيث منحها حق الانتخاب بعد أن كانت محرومة منه، وكان مشجعاً لإقامة الحفلات الغنائية كحفلات زكية حمدان وماري جبران التي نقلتها الإذاعة السورية يوم ذاك، اشتهر عنه بأنه لا يميل بطبيعته إلى العنف في تصرفاته الخاصة، لأنه مولع بالشراب والجلسات الليلية العامرة باللعب والعبث، كان يغضب بسرعة ويرضى بسرعة

Syrianleaders218.JPG

الحكومة في عهد الحناوي

Syrianleaders220.JPG

Syrianleaders221.JPG

فوجئت دمشق واستيقظت على غير عادتها في الساعة الثالثة من فجر الرابع عشر من آب 1949 بانقلاب قاده العقيد سامي الحناوي1، واعتبر الانقلاب العسكري الثاني في تاريخ سوريا المعاصر. فقد أدت أساليب المشير حسني الزعيم الفردية في إدارة سياسة الدولة وعدم امتلاكه تجربة سياسية إلى فشله، وافتقاره إلى القاعدة الشعبية التي يستند إليها أي حكم، وعدم تحقيق الوعود التي قدمها في بياناته وتصريحاته. ففقد خلال الثلاثة أشهر الأخيرة معظم شعبيته، وظهر له أعداء من مختلف شرائح المجتمع، كما أثار سخط عدد من أصدقائه العسكريين الذين نفذوا معه الانقلاب، وكذلك أقدم على تسريح بعضهم وأبعد البعض الآخر، وبهذه الأعمال فقد سنده العسكري، مما مهد لانقلاب الحناوي.
وكان قائد الانقلاب الجديد قد قام باتصالات سرية توجت باجتماع سري في معسكرات قطنا تقرر فيه أن يقوم اللواء الأول بقيادة العقيد الحناوي بالانقلاب بالتعاون مع بعض الوحدات المساندة، ووضعت خطة لاعتقال كل من رئيس الجمهورية المشير حسني الزعيم ورئيس وزرائه الدكتور محسن البرازي،ومدير الشرطة العسكرية المقدم إبراهيم الحسيني والسيطرة على مبنى الأركان العامة للجيش، وعدد من المباني والنقاط ذات الأهمية الخاصة لنجاح الانقلاب، كما شكل قائد الانقلاب مجلساً حربياً أعلى من الضباط الذين اشتركوا معه في تخطيط وتنفيذ الانقلاب، لإدارة شؤون البلاد العليا ريثما يتم تشكيل حكومة دستورية، وأوكلت إلى هذا المجلس مؤقتاً صلاحيات السلطات التشريعية والتنفيذية والعسكرية.
وقد تألف هذا المجلس من:
1- العقيد سامي الحناوي: قائد اللواء الأول.
2- العقيد بهيج كلاس: المستشار في وزارة الدفاع.
3- العقيد علم الدين قواص: رئيس أركان اللواء الأول.
4- المقدم أمين أبو عساف: قائد كتيبة مدرعات.
5- النقيب عصام مريود: ضابط في سلاح الطيران.
6-النقيب محمود الرفاعي: معاون مدير الاستخبارات العسكرية.
7- النقيب حسن الحكيم: قائد قوة مدفعية.
8- النقيب محمد معروف: قائد الشرطة العسكرية.
9-النقيب محمود دياب: رئيس الشعبة الثالثة في الأركان العامة.
10-النقيب خالد جادا: مرافق رئيس الجمهورية.
وقد تحركت الوحدات و المفارز المنفذة في الوقت المحدد لها من معسكرات قطنا ونفذت الواجبات المكلفة بها وفق الخطة الموضوعة. ونقل المعتقلون إلى مبنى الأركان العامة وهم بملابس النوم، بعدها جرى نقل الزعيم والبرازي بمدرعة خاصة إلى سهل المزة على طريق المطار وتمَّ إعدامهما بدون محاكمة، وقد أجريت محاكمة صورية لهما في وقت لاحق.
وفي هذا المضمار صرح قائد الانقلاب الجديد أن الانقلاب الجديد أي الانقلاب الثاني كان تصحيحاً للانقلاب الأول الذي كان يفترض به إعادة الأمور إلى مجراها السوي. وأن الزعيم لم يعدم لتنفيذه الانقلاب الأول بل لخيانته لذلك الانقلاب.
وقد بدأ العقيد الحناوي بلاغه العسكري الأول بعبارة أصبحت لازمة عربية (لقد قام جيشكم الباسل) وختمها بلازمة أخرى ( وعد بالعودة إلى الثكنات وتسليم أمور السياسة إلى رجالاتها) ومما جاء في البيان الأول:
((لقد قام جيشكم الباسل بانقلاب يوم 30 آذار 1949 الماضي لينقذ البلاد من الحالة السيئة التي وصلت إليها من قبل وقد استقبلتم ذلك العمل بالفرح والتقدير لما وعد به زعيم ذلك الانقلاب حول إنقاذ البلاد من الفوضى وإعادتها إلى عزتها وكرامتها في بياناته الأولى ولكنه ما إن استتبت له الأمور حتى أخذ يتطاول إلى أموال الأمة وكرامة البلاد وما صحب ذلك من سوء الإدارة والفوضى والتدهور، بحيث أخذ الناس يسخرون من الجيش ورجاله لما آلت إليه البلاد، إضافة إلى الفوضى الداخلية والخارجية.
لذا وبعد الاعتماد على الله القويّ العزيز عزم جيشكم الباسل الذي لا يريد إلا الخير للبلاد أن يخلصها من الطاغية الذي استبد هو ورجال حكومته المسخرة بمقدراتها.
وقد أتم الله للجيش ما أراد وأنقذ شرف البلاد من ظلمهم وسطوتهم، وقد آلى على نفسه أن يسلم زمام الأمور إلى الأفراد المخلصين. وإن الجيش وقواده يعاهدونكم أمام الله والتاريخ، أنهم لا يبغون في حركتهم إلا أن تعيش البلاد حرة مستقلة، وسيترك الجيش لزعماء البلاد إدارتها وسيعود إلى ثكناته ويترك أمور السياسة إلى رجالاتها والسلام )).

Syrianleaders222.JPG

SL-04-03.jpg

SL-05-03.jpg

SL-06-03.jpg

SL-07-03.jpg

35-5093e7802372c.jpg

قاتل الحناوي

غادر محمد سامي الحناوي دمشق بعد إطلاق سراحه إلى بيروت وذلك في مطلع شهر أيلول من عام 1950 وكان برفقته عصام مريود، ومحمد معروف، وعلم الدين قواص، وأسعد طلس، عاش الحناوي بداية مع حراسه ومرافقيه في منطقة جبليّة مجاورة لبيروت تعرف بـ (بيت مري) ثم انتقل إلى بيروت ليسكن في شارع محمد الحوت في أحد الفنادق، وقامت السلطات اللبنانية بوضع الحراسة الأمنية له خوفاً من انتقام عائله البرازي الشهيرة، حرشو البرازي (بغض النظر عما ارتكبه بحق الحناوي) هو رجل شهم ذو أخلاق طيبة أصيلة يشبه ما تصوره المسلسلات الشامية لشخصية (القبضاي والزكرت) وهو حرشو بن أحمد آغا بن محمد الباكير البرازي، وعائلة أو عشيرة البرازي من العائلات السورية العريقة في حماة، أصلها من أورفه وتحديداً من قرية تل حاجب، نزح أحد أجدادهم إلى قرية جدرين قرب حماة وعملوا في رعاية الأغنام وتربيه الخيول، ومن ثم انتقلوا إلى مدينة حماة.

 وكلمة هرجو أو هرشو أو حرشو، كلمة كردية معناها (الدب) أطلقها أبوه عليه تيمناً بالقوة وحفاظاً عليه من العين الحاسدة والأرواح الشريرة.؟! والدته مهدية السباعي وله شقيق (عبد العزيـــز- 1925- 1988) وخمس شقيقات وهو الابن البكر، وحرشو مواليد عام 1920 ومتزوج من مهــا ابنة مظهر العاشق وله منها خمسة أبناء وابنه واحده اسمها رشا. تلقى علومه ما بين دمشق وبيروت واهتم بعد تخرجه بالإشراف على أملاك والده، هو رجل شجاع بارع في استعمال السلاح وكان من أهم مربي الخيول في سورية ولبنان

SL-10-03.jpg

في حوالي الساعة 10 و45 دقيقه من صباح يوم الاثنين الواقع في 30 تشرين الأول من عام 1950 وعلى موقف محطة الترام في شارع محمد الحوت بمنطقة المزرعة في بيروت – لبنان حيث كان يقطن اللواء السوري سامي الحناوي، في ذاك المكان والزمان دوى صوت القاتل : (سامي.. سامي.. حرشو أتاك !..) وثلاث رصاصات تستقر بجسد اللواء سامي الحناوي فيخر صريعا على الأرض. الطبيب الشرعي (العدلي) اللبناني ميشيل جبارة بعد معاينته لجثه الحناوي قال، ثلاث رصاصات في جسد الحناوي، الاولى فوق القلب، والثانية أصابت كبده والثالثة مزقت أمعاءه

SL-11-03.jpg

ألقي القبض على حرشو بعد اغتياله للحناوي، وأودع السجن، وتدخل العديد من الشخصيات اللبنانية والعربية لصالح حرشو، وقُدم للمحاكمة بتهمة القتل، تولّى الدفاع عنه لدى المحكمة كل من المحاميَين، إميل لحود، وحبيب أبو شهلا، وصدر الحكم بالإعدام، ثم خفض إلى 16 عاماً، ولكن حرشو سُجن فقط سنتين وثمانية أشهر وخمسه أيام فقط، وتم الإفراج عنه بوساطة السعودية!؟ ويقول حرشو في هذا الصدد، حين قابله الصحفي المصري محمد حسنين هيكل في السجن، (محسن راح مشانكم "ويقصد السعودية")، وهنالك أحاديث تتداول أن السيدة مودة الجابري أرملة المرحوم محسن البرازي استطاعت أن تفرج عن ابن عم زوجها حرشو بعد مقابلتها للملك سعود بن عبد العزيز أثناء زيارة له إلى لبنان وبوساطة منه.

وهنالك رواية تقول إنه تم العفو عن حرشو من قبل الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون ورئيس وزرائه صائب سلام بوساطة سعودية بناء على طلب من أديب الشيشكلي بالتوسط.؟

خرج حرشو من السجن اللبناني بعد الإفراج عنه، وغادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية واستقر في ولاية هيوستن فترة من الزمن هناك مع عائلته، بعيداً عن الأنظار، ومن ثم أخذ يتردد إلى سورية فكانت إقامته ما بين سورية وولاية هيوستن، وآخر ظهور له كان على فضائية الدنيا السورية عام 2011 م

SL-12-03.jpg

SL-15-03.jpg

قلوا عن حسني الزعيم

لم يمضي إلا أسابيع على الانقلاب المشئوم لحسني الزعيم الذي جرثم الحياة السياسية والمدنية في سورية ، إلا ويُفاجأ السوريين في الرابع عشر من آب 1949بانقلاب ثان عند الساعة الثالثة فجراً، حيث اخترقت بعض الدبابات والمُصفحات وآليات الجند صباحاً شوارع دمشق حتى وصلت إلى القصر الجمهوري ومنازل كبار رجالات الزعيم كمحسن البرازي رئيس وزراءه والمقدم إبراهيم الحسيني مدير الشرطة العسكرية لتقوم على اعتقالهم  والسيطرة على النقاط والمفارز الحساسة والمباني بما فيهم مبنى الأركان العامة وغير ذلك مما يستدعي سيطرة الانقلابيين ، الذين كانت دواعيهم كثيرة ، ولعلّ أهمها مساوئ حسني الزعيم ودكتاتوريته واستبداده وطغيانه ومنها ما هو متعلق بالوضع الداخلي وعمليات القمع، ومنها ما سببه عربي كالدعم العراقي نظراً لاستيعاب المحور السعودي المصري للزعيم فلا بُد من إسقاطه ، ومنها ماهو دولي بسبب صراع المصالح الأمريكية والفرنسية من جهة والمصالح البريطانية من جهة أُخرى ، وهذا مانستطيع ان نُفسره بالتأييد البريطاني والتعبير عن ارتياحهم ومديحهم لقادة الانقلاب ، بينما الصحف الفرنسية اعتبرته من تدبير المخابرات البريطانية بما لهذه التصريحات من دلالات

وكان أول تصريح لقائد الانقلاب العقيد سامي الحناوي على ماجرى ، أن حسني الزعيم لم يُعدم لانقلابه الأول بل لخيانته لزملائه قادة إنقلابه  الذين  ساعدوه لتغيير الأوضاع إلى الأفضل ، بعدما وعد باسم الجيش الأبي الحامي للبلاد والعباد فيما مضى لإنقاذ البلاد من الفوضى ، وإذا به يُعمق من هوّة الفساد والفوضى ويتطاول على الكرامات وأموال الأمّة وينتقل من الحامي إلى الحرامي ، ومن تأمين النّاس إلى استعبادهم ، حتّى صار الجيش قمّة في السخرية وأداةً من أدوات البطش والجريمة لهذا الطاغية ، فكان انقلاب الحناوي  باسم الجيش أيضاً  إنقاذاً لشرف الأمّة والبلاد بحسب ماجاء ، ولمنع استمرار انحراف السلطة التي كان عليها حسني الزعيم ، وإعادة الاعتبار للوطنيين الأحرار الذين زجّ بهم في السجون وهروب الكثير من بطشه إلى المنافي، ولإعادة العمل بالدستور الذي صاغه مُمثلي الشعب وعودة الحياة الديمقراطية عبر الانتخابات الحرة لاختيار ممثلي الشعب والرئيس ، ولإعادة الاعتبار للرئيس الوطني القوتلي عندما أجبره الزعيم على الاستقالة ، ثم وعد الحناوي بانسحاب الجيش من الحياة السياسية والعودة إلى الثكنات ، وترك إدارة أمور شؤون البلاد للزعماء السياسيين الذين سينتخبهم الشعب ، فهل وفّى هذا القائد بوعده ؟ وإنّي لأُشبهه بالرئيس السوداني سوار الذهب الذي أدّى مُهمة مُحدد بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة ومن ثُم انسحب من الحياة السياسية ، ولكن لربما كان خطأه تضمينه لخطابه في اليوم الثاني لأمر خارج عن إرادته لحالة الفوضى والإرباك التي سادت ظروف الانقلاب ، تبني قتل حسني الزعيم والبرازي دون مُحاكمة كي لا تسود روح البلبلة بين صفوف ضباطه ، وجميعنا يعلم بأن قتلهما جاء كانتقام وردة فعل من الملازم أول منصور أبو فضل من القومي السوري المُشارك في الانقلاب لتسبب حسني الزعيم في مقتل أنطون سعادة زعيم حزبه ، وبتحريض ودفع من أكرم الحوراني ، ولكن دون استطاعة الحنّاوي التنصل منها

حيثُ وكما جاء عن أحد منفذي الانقلاب محمد معروف بقوله : بأنه عندما مرر الضابط عصام مربود مُحسن البرازي الذي تسلمه من الضابط بديع مُلحم لنقله لهيئة الأركان مرره على منزل الحوراني الذي أشار على البرازي بأنه روح حسني الزعيم الشريرة ، وقال الحوراني للضابط  بعدما ضرب مُحسن وركله برجله اليسرى " روح صرفو "كون عائلة البرازي التي اعتمد عليها حسني الزعيم على عداوة تقليدية مع الحوراني ، وبالفعل نُفذ فيهما حكم الإعدام على الرغم مما اتفق عليه الإنقلابيون بعدم إراقة أي دم ، مما اضطر الحناوي لقبول الأمر الواقع الذي حصل ، على الرغم من أمرً سابق له إلى الضباط الذين يحتجزون الرهينتين بعدم المساس بهما عندما شعر بتدبير قتل الزعيم والبرازي ، ولكن كما يبدو بأنه سبق السيف العزل وموضوع الانتقام خارج عن الانصياع للأوامر ،  مما اضطر الحناوي تضمين بيان الانقلاب وقيادته عملية القتل كي لا تُثار البلبلة بين الصفوف

ومن جهة أخرى نقول بأن الحناوي بالفعل قد وفّى  بوعده وكان على مستوى الحدث، وقد أثبت أنه ليس ذا أطماع في السلطة ، كما وعُرف عنه النزاهة والتواضع والبعد عن أي طموح سياسي، وهذا ما فسره تصرفاته منذ اليوم الثاني للانقلاب ، وتخلصه من أعباء الحكم وضغط الضباط عليه الذين ساعدوه في الانقلاب ، فقد اجتمع مع رؤساء الأحزاب وسلّم أمور البلاد والسلطة رسمياً للرئيس هاشم الأتاسي المشهود له بالكفاءة والتاريخ الوطني والحيادية بعدما أقرّ مرسوم استقالة الرئيس شكري القوتلي الذي أُكره عليها أيام حسني الزعيم وحل مجلس النواب ،، وتلا ذلك بياناً أُذيع من إذاعة دمشق قال فيه الحناوي "إنني لكي أمنح سورية الحياة بلداً حراّ ومستقلاً ، فإني أعهد بالحكومة إلى زعماء البلد السياسيين وأعلن عن انتهاء مُهمته الوطنية وعودة الجيش إلى ثكناته" وكان قد أمر بالإفراج عن جميع المُعتقلين السياسيين ، بعدما سمح بعودة الأحزاب والصحف المُغلقة ، على أن يُراقب الجيش الأوضاع السياسية عن طريق وزير الدفاع ، تاركاً تشكيل الحكومة للرئيس الأتاسي الذي شكلها بنفس اليوم أي في 15 آب 1949

وكان في رئاسة الحكومة الرئيس هاشم الأتاسي وخالد العظم للمالية وناظم القدسي للخارجية ورشدي الكيخيا للداخلية واللواء عبدالله عطفة للدفاع ، وأكرم الحوراني للزراعة وسامي كبارة للعدالة  والصحة وفيضي الأتاسي للاقتصاد الوطني ، ومجد الدين الجابري للأشغال العامة وعادل العظمة وزيراً للدولة وميشيل عفلق للمعارف الذي استقال في 1911 وفتح الله أسيون أيضاً وزيراً للدولة ، وكان من مهام هذه الوزارة البدء في الإعداد لانتخاب الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد ، وإصدار قوانين الانتخابات التي حددت له موعداً في 15111949 ، مُنحت المرأة من خلاله حق الانتخاب دون الترشح ، وجرت الانتخابات في موعدها فاز فيها حزب الشعب بالأكثرية ، والتي على إثرها عقدت الجمعية التأسيسية أولى جلساتها في 12121949 ، وانتخب فيها رشدي الكيخيا زعيم حزب الشعب رئيسا لها والاتاسي لرئاسة الجمهورية ، مما عزز موقع حزب الشعب وصار الطريق مُمهداً للوحدة مع العراق ، لتستقيل تلك الوزارة فيما بعد ويُكلف ناظم القدسي برئاسة الحكومة الجديدة التي لم تستمر أكثر من يومين ، ليكلف معروف الدواليبي بالوزارة لكنه فشل في تشكيلها ، ليكلف خالد العظم الذي كان له الانقلاب بالمرصاد قبل أن ينتهي من تشكيل الحكومة.

فجرت الرياح بما لا تشتهي السفن ، لكون هناك من تتعارض مصالحهم وارتباطاتهم  مع الوحدة ، وعوامل أُخرى قوية تمنع ذلك وأهمها الجيش الذي على رأسه الشيشكلي وآخرين معه، وسياسيين يرفضون تلك الوحدة مع العراق لارتباط العراق بمُعاهدات مع بريطانيا ، وكذلك محور الرياض مع القاهرة ، ودولياً أمريكا وفرنسا ، ولذلك ما إن قاربت الأمور على النضوج إلا ونرى عودة مظاهر الانقلاب باختراق الدبابات من جديد لشوارع دمشق واستيلاء العقيد أديب الشيشكلي على السلطة العسكرية دون المدنية التي لم يمسسها بسوء في 19121949 ، وليكون الانقلاب داخل المؤسسة العسكرية بدعوى الدفاع عن نظام الحكم الجمهوري في سورية وإنقاذه من النفوذ البريطاني والوحدة مع العراق الملكي ، لينتهي بذلك عهد الحناوي الذي يُفرج عنه بعد فترة وجيزة مُغادراً إلى لبنان ليلقى مصرعه على يد قريب البرازي " حرشو " ثأرا لمحسن ، ويُنقل الى دمشق ويُدفن هناك ، وليبدأ عهداً جديداً ، فيه يتقاسم الطرفان العسكري والسياسي الأدوار بحسب موقعهما ، وليبدأ في البلد عهد مُتقلب يلعب فيه الطرفان لعبة القط والفار لسنتين قادمتين قبل الانقلاب الثاني الذي سأتحدث عنه لاحقاً ، يتمتع فيها قائد الانقلاب الجديد باستقرار مقبول ونفوذ أوسع ، يُنهي الأمور في النهاية لصالحه

وأخيراً : فقد امتازت فترة حكم الزعيم سامي الحناوي بنقل البلاد من الحكم الاستبدادي الفردي إلى مؤسسات الدولة على الرغم من مُعارضة بعض ضباط الجيش المُشاركين له في الانقلاب لهذا النهج ، ورجوع الجيش إلى ثكناته على الرغم من وجود صراع خفي بين مكوناته حول تأييد السياسات القائمة بالميل نحو العراق ورفضها ، وتمتاز فترته أيضاً بالتنافس السياسي السلمي ، والإقدام على الوحدة بين سورية والعراق كون الأكثرية لصالح حزب الشعب الذي سعى لفتح الحدود وتنشيط التجارة بما يُنعش الشمال السوري المُتضرر من وراء إغلاق الحدود ، وليس لربطها بالهلال الخصيب كما أكد على ذلك  ناظم القدسي ، حيث كانت المطالب العراقية ، بإقامة الوحدة بين قطرين في ظل عرش واحد ، بينما السوريين كانوا يرون بوجوب وجود برلمان موحد يُمثل فيه الشعبان العراقي والسوري ، وعلى أن المُعاهدة البريطانية العراقية لا تشمل السوريين ، لكن الجانب البريطاني المؤثر في الوضع العراقي رفض إعطاء التأكيدات بذلك لكونه لا يُريد فعلياً هذه الوحدة وإنما التظاهر بها ، بهدف كسب السوريين إلى صداقة معهم ، وعدم إرباك الوضع العراقي وإدخاله في حسابات يصعب السيطرة عليها ، وربما لعدم إزعاج الفرنسيين وإفساد العلاقة معهم لكون سورية تحت النفوذ الفرنسي ، مما أربك السياسيين أمام الجيش وازدياد خلافاتهم وتجميد الوضع السياسي ، مما مهد لحركة انقلابية جديدة تُعيد هذا الحلم في التوحد ، وتميزت فترة الحناوي أيضاً بسيطرة حزب الشعب السياسية عبر صناديق الاقتراع على الحياة السياسية

و كان الزعيم سامي الحناوي قد شكل مجلساً حربياً أعلى أول استلامه للسلطة ممن نفذوا معه الانقلاب لإدارة شؤون البلاد  ريثما يتم تشكيل حكومة دستورية ،وقد  أُوكل للمجلس صلاحيات السلطات التشريعية والتنفيذية والعسكرية وهو مكون من : العقيد سامي الحناوي قائد اللواء الأول ، والعقيد بهيج الكلاس المستشار في وزارة الدفاع ، والعقيد علم الدين قواص رئيس أركان اللواء الأول ، والمقدم أمين أبو عساف قائد كتيبة مدرعات ، والنقيب عصام مربود ضابط في سلاح الطيران ، والنقيب محمود الرفاعي معاون مدير الاستخبارات العسكرية ، والنقيب حسن الحكيم قائد قوة مدفعية ، والنقيب محمد معروف قائد الشرطة العسكرية ، والنقيب محمود دياب رئيس الشعبة الثالثة في الأركان العامة ، والنقيب خالد جادا مرافق رئيس الجمهورية

SL-15-03.jpg

iDYd8.png